تدمير الذات

تدمير الذات 


 

من المتوقع دائما أن الانسان بنزعته الطبيعيه يكون في حاله مستمره في البحث عن سعادته الشخصيه ، خاصه في مجالين مهمين  للإرضاء الذاتي الا وهما : 


 

العلاقات بشتى انواعها والمجال المهني .


 

لذلك السبب يبدو هذا الامر  بالغريب بعض الشئ وبنفس الوقت مثير للأعصاب ، حيث نجد أنفسنا في الغالب نقوم  عمدا بإفساد أي فرصه نسعى لها لتحقيق طموحاتنا ، علي سبيل المثال عند الذهاب لموعد غرامي مع أشخاص نميل لهم من الممكن أن يصبحوا أفضل مرشحين لأن يكونوا  شركاء لنا في المستقبل ، بحيث نقوم فجأه بالقيام بتصرفات غير محسوبه تؤدي بالنهايه الي إفساد الموعد بتصرفنا المتعجرف، أو عندما نكون في علاقه حميميه مع شخص نكن له الحب نقوم فجأه بالقيام بتوجيه الاتهامات التي ليس لها سبب مقنع  مما يؤدي الي سلوك هجومي و عدواني مما  يزيد الامر سوءا  . 

كأننا بهذه السلوكيات نقوم بجلب التعاسه والحزن لأنفسنا  .


 

 أثناء حاله الغضب المتلقاه ، يكون الحبيب في قمه التعب والإرهاق من هذه  السلوكيات مما يضطر للرحيل علي الرغم من  أن الحب والتعاطف الوجداني موجود، لكن يظل وجود درجه عاليه من الدراما مع  العصييه والشكوك  لن يتقبلها مما يؤدي الي نهايه حتميه للعلاقه.


 

من المواقف المشابه أنه من الممكن لهذه التصرفات أن تقوم  بتدمير الفرص  مثلا كالحصول  علي ترقيه مهمه منتظره في العمل بعد تقديم عرض رائع ومقتع أمان مجلس الاداره،  بحيث يقوم الشخص بعد ذلك بالتصرف بطريقه حاده وغير لائقه مع الرئيس التنفيذي للإداره  مثلا ، او يقوم بإهانة عميل أثناء عشاء عمل وهو في حاله سكر. 

لمثل هذه السلوكيات لا يمكن وضع اللوم وربطه بسوء الحظ لذا يندرج هذا التصرف تحت  مصطلح عالمي مهم ألا وهو  تدمير الذات .

نحن مدركين بما فيه  الكفايه بان الجميع يخاف من وطأه الفشل، لكن يظهر أحيانا بشكل بارز بأن النجاح من الممكن أن يجلب معه الكثير من التوتر.

في النهايه ممكن أن يتوج هذا الشي برغبتنا بإفساد الفرص بمحاوله منا لاحياء راحه البال!. 

ما هي احتماليه تفسير الإرتيابيه في النجاح؟ في بعض الحالات المعينه تكون رغبه اللاوعي ( اللاشعوريه) لحمايه من يحبنا خاصه اللذين قاموا برعايتنا منذ الصغر من الإحساس إتجاهنا بالحسد ، القصور وعدم الاكتفاء الذاتي ، الذي من الممكن أن يصبح بمثابه إنذار وتنبيه لمكاسبنا وانجازاتنا ، علي سبيل المثال، شربك جديد أو الحصول علي ترقيه  رئيسا للموظفين يصبح بمثابه إحباط صامت لمن حولنا  مما يدفعهم بعمل مقارنه ما بين إنجازاتنا وانجازاتهم والخوف بانهم غير  جديرين بما فيه الكفايه  للعمل في الشركه.


 

إنه يبدو من الغريب أن  نتقبل بأن  الاشخاص الذين أحبونا منذ الصغر  تكون مشاعرهم مرفأ للحسد اتجاهنا خاصه اذا كانو مخلصين جدا لنا .  

بالرغم من ذلك فمقدمو الرعايه ( الوالدين خاصه )  يبدو  انهم يحملون في طياتهم طبقات كامنه من الندم الشخصي بحيث يشعرون بشئ من الخوف من الاهمال  وانهم غير مهمين بالنسبه للآخرين، حتي أطفالهم خلال مراحل العمر يقومون بتذكيرهم دوما بعدم الغرور وعدم نسيان الأصول حتي يكون راضي عن نفسه ولا يشعر بالاهمال.

وبذلك ننتهي بأن نستنتج أن النجاح الذي نسعى إليه مهدد بأن يؤذي مشاعر من نحب. 


 

الحل ، ما نلبث أن نكتشف هذا المأزق الغير نافذ  ألا وهو (تدمير الذات). 


 

وهو بأن نستحكم  بعمق وبشكل سخي و استباقي  حول الاسباب الحقيقيه التي دفعت مقدمو الرعايه الشعور بالقلق والوجس حول انجازاتنا . 


 

يجب علينا أن نعي وندرك بشكل جوهري  بأن مقدمو الرعايه  ليسو بخائفين من إنجازاتنا بقدر هلعهم من هجراننا  لهم ، بالتالي هذا الشي  يذكرهم بعجزهم   .


 

لهذا السبب المهمه ليست بأن نحاول تدمبر الفرص لكن بالمحاوله  بإعادة الطمأنينه لشركائنا بأننا مخلصين ومهتمين لقيمتهم ووجودهم في حياتنا وأهميتهم  بشكل أساسي. 


 

أيضا هناك نوع ثاني شائع من تدمير الذات وهو بأن يجد المدمر لنفسه بأن ثمن الامل غالي  .


 

من الممكن في مرحله الشباب نكون في حاله من مواجهه الكثير من الاحباطات الوحشيه القاسيه بحيث نكون في حاله من الضعف لمقاومتها والتصدي لها ، خاصه المشاكل الأسريه علي سبيل المثال، بأن يود الشخص  بقاء الابوين معا دون إنفصال أو أن يرجع الأب  بشكل نهائي إلى أرض الوطن بعد غياب سنوات مغترب في دوله أخرى.  

في العلاقات العاطفيه ، ربما نكون في علاقه عاطفيه قويه وبعد عده أسابيع من السعاده يغير  الحبيب موقفه فجأه مما يجعلنا في حاله من السخريه من قبل الأقران.


 

يبدو أن شخصيتنا تحمل في طياتها صله عميقه من الزيف بين الامل والخطر ، مع تفضيلنا بأن نعيش مع خيباتنا أفضل من التمتع بوجود ومضه من الأمل في حياتنا.


 

الحل هو بأن نذكر أنفسنا دائما بأنه علي الرغم من المخاوف نستطيع العيش علي الرغم من خساره الامل ، بعد الآن نحن لسنا من الذين يتجرعون مرارة الخيبات و المسؤوله  عن ترددهم وجبنهم .


 

بالاضافه الي ذلك يعتبر الشي الأساسي الذي ميز مرحله الطفوله عن مرحله البلوغ هو أن البالغين تمكنو من الولوج الي الكثير من المصادر التي تبعث الأمل في النفس عنها عن الطفل ، البالغ يستطيع النجاه عالرغم من وجود خيبات الامل بين الحين والآخر ، لأننا كبرنا ووعينا ولم نعد نقطن في إقليم مرتبط بعائله و جيران ومدرسه. 


 

نحن  قادرين علي أن نجعل من العالم باكمله كبستان نزرع ونحصد فيه كل أنواع الامل بحيث نستطيع نوعا ما تجاوز القدر المحتوم والنجاة رغم الصعاب  ونكون قادرين علي سحق خيبات  الامل التي  تواجهنا.


 

واخيرا ،  صفة التواضع والحياء من الممكن أن يكون لها دور في تدمير نجاحاتنا ، الي حد ما شعورنا بأننا  لا تستحق تلقي المكافآت والهبات . 

باعتقادنا أننا لا نستحق حصولنا علي وظيفه جديده أو حبيب مثلا .


 

هذا السلوك، الكسل ، الجبن ، الغباء وعدم النصج الكافي يؤدي بنا الي أن نستنتج أنه هناك خطأ في الامر ، لهذا السبب نقوم  برفض الهدايا والعطايا من الكون ونكون بالفعل نستحقها لكن نعتقد أن غيرنا يستحقها اكثر .

هذا التفكير  يعتبر مهلك ومؤذي جدا لصاحبه الذي يسئ الفهم بأن طرق النجاح والألم مخصصه وموزعه!.

ان الكون لا يقوم بتوزيع سواء الهبات والآلام بمعرفه إلهيه دقيقه  حسب نزعة الخير والشر التي بداخلنا، ممكن أغلب ما نكسبه ونفوز به  لا نستحقه والعكس صحيح للمعاناه. 


 

علي سبيل المثال مرض السرطان بحميع أنواعه لا يعتبر معاناة ، بحيث لا نعتبر  إصابة الانسان به بالشرير أو  بالآثم.


 

عندنا نشعر بالاضطهاد وبعدم إستحقاقنا للنعم والافضليه ، نحتاج هنا إلى وقفه مع أنفسنا وهي بأن نذكر  انفسنا بأننا ايضا لا نستحق بأن نقوم بتشويه سمعتنا بأنفسنا  سواء وقعنا في الخطيئه أو حدث هجران عاطفي او اصابه بمرض ، سوف يكون حاله حال جمالنا الخارجي ، علو وسمو النفس وحب الشركاء أيضا نشعر بعدم الاستحقاقيه لكل هذه الاشياء .


 

يجب علينا أن لا نقلق علي حياتنا السابقه وعدم التفكير  من اللاحق أيضا ، هي مسأله قبول ، أن تتقبل المصير منذ البدايه كنعمه من الله بالاضافه إلى  وجود الهواجس المظلمه الكامنه فينا  ، والعشوائيه الكامله مع إنعدام البعد الاخلاقي أيضا.


 

من الفيد أن نحتفظ بمفهوم لتدمير الذات، يحب علينا البدء  بتوجيه الشكوك  في حاله رؤيتنا  بالقيام  بأعمال  شاذه   وغير سويه  خاصه أمام  الأشخاص الذين نكن لهم الموده ونسعى دوما لابهارهم.


 

علاوه علي ذلك ، عند مواجهه أنواع معينه من الخباثه وعدم الثقه من قبل الاخرين يجب علينا أن ندرك أن هذه الاشياء ليست كما تخيلناها ان تكون ، من المحتمل أن يكون بين أيدينا ليس بخصم حاقد يحمل الصغينه لكن مع قليل من الصبر نراه شخص  مجروح مدمر لذاته يستحق أن يعامل برقه ولطف بحيث لا يؤذي نفسه بالنهايه.


 

واخيرا يجب وضع شروط بحيث تساعد الآخرين على معرفه كم هو مثير للأعصاب عندما  نريد أن نكون  قريبين من الشئ الذي نريده حقا وبشده.

  • مشاركة