الكراهية الذاتية

الكراهية الذاتية 


 

هنالك أسئلة مهمة يجب أن نطرحها على أنفسنا لقياس مدى صحتنا العاطفية :-


 

هل تشعر بشكل عام بأنه لديك الحق في الوجود ؟  هل تشعر و بشكل متزن بأن ذاتك كافية بغض النظر عن ظروفك المحيطة أو إنجازاتك؟ 

هل تشعر عموماً بأنك شخص سيء ؟ شخص يشق طريقه في الحياة من خلال خداع الأخرين الذين لن يترددوا يوماً في التخلي عنه إن علموا

جزءاً صغيراً عن حقيقته ، بأنه شخص كاذب و على بعد خطوة من الفضيحة و الإذلال 


 

إنه لأمر غريب و استثنائي أن يجاوب العديد منا تلقائياً بنعم على السؤال الثاني ، كم عدد الاشخاص الذين هم على قيد الحياة ولكن من دون أن يشعر بأنهم يستحقون

 أن يسيروا على هذه الارض ، تقول إحصائيات الانتحار أمراً مخيفاً عن مجتمعاتنا ، و لكن إحصائيات الكراهية الذاتية الشديدة

 تقول شيئاً أسوء و التي يُقدر عددها بواحد من بين كل أربعة أشخاص يعاني من الكراهية الذاتية الشديدة ، لو رأينا شخصاً غريباً يُعامل بنفس الطريقة التي يعامل الكثير بها 

أنفسهم فلن نتردد أبداً بوصف ذلك بالوحشية و القساوة 


 

 من التفاصيل الغريبة حول كره الذات أن المرء عادتاً لا يلاحظها في نفسه و يتطلب إدراكها و ملاحظتها درجة من الموضوعية و التأمل في قيمة و أستحقاق الشخص التي 

التي يفتقر إليها ، كراهية الذات قد تكون واضحة جداً لكن لا ننتبه لها و لطالما تم إهمالها  منذ الطفولة 

فالمرء لا يعلم بأنه كاره لذاته لأنه يعتقد بأنه يستحق تلك المعاملة فهو يرى نفسه كشخص سيء 


 

تتضح أثار الكراهية الذاتية في عدد من المواقف مثل :-  

عندما يقول لك أحدهم إطراء فإنك ستشك على الفور في إدراكهم و قدراتهم العقلية ، عندما يطلب منك شخص يحبك بأن يرتبط بك  فستبدأ بالتسائل  لماذا هو ضعيف 

إلى هذه الدرجة ! عندما تكون عالقاً في علاقة مستنزفة عاطفياً سواءً في العمل أو في الحياة الخاصة فإنك ستبقى إن لزم الأمر لعقود من الزمن لأنك ببساطة تعتقد أن 

ذلك النوع من العلاقات هو فقط ماتستحقه ، و إذا تمت ترقيتك في العمل أو تم الإعجاب بك و بعملك فإنك على الفور ستشعر بأنك لست كفؤ و غير مؤهل و بأنك تكذب عليهم ، 

هنالك دوماً صوت في رأسك يرافقك في جميع تحدياتك و يخبرك بأنك لن تكون قادراً على تخطي تلك التحديات و بأنك أحمق معتوه و يكرهك الجميع


 

و إذا بدى لك بأن أمراً ما يسير على ما يرام ، فستعمل على تخريب و تدمير ذلك الأمر ببراعة تامة ، أنت تعرف كيف تفسد على نفسك فرص العمل و كيف تبعد الأشخاص 

الذين يريدون أن يكونوا لطفاء معك ، و تعتقد بأن الأخرين يسخرون منك و بأنهم يسيؤن معاملتك ، و تشعر بالخصومة و العدوانية حين تتعامل مع زملائك أو 

أحبائك في المتاجر أو في المطاعم ، و في معظم الاوقات تكون في حالة ذعر من أن العالم قد يكتشف في أي لحظة أو أنه بالفعل قد أكتشف الأمر 

الذي تعرفه جيداً عن نفسك و هو أنك معتوه مثير للأشمئزاز  


 

الخلاص و التحرر يبدأ بنظرة سبر و تأمل في ذواتنا ، لا أحد يولد و هو يحب نفسه هنالك تاريخ للكراهية الذاتية لكنك غير قادر على التفكير فيه

، تلك الردود  اللطيفة و المشجعة لنا ، التي قالها أول من قاموا بتربيتنا و رعايتنا لها تأثير علينا و قد تشجعنا على الاستمرار و المضي 

قدماً ، و بالتالي يتم بناء شعورنا حيال ذواتنا من ردود و تفاعلات أول من كانو حولنا في سنوات طفولتنا ، قد لا نعرف أي شيء عن هؤلاء 

الأشخاص في ذاكرتنا الواعية المدركة و لكن لا داعي لذلك ، يمكننا أستنتاج كل شيء من خلال طرح سؤال بسيط على أنفسنا هل أحب من أنا؟ 

ربما ليست لديك الصورة الحقيقية عن ذاتك و لكنك تستطيع أن تشعر ببصمة شخصيتك 


 

 لا أحد يمكنه أن ينجو من إحساس أنه كان مصدر إزعاج أو خطر أو بأنه لم يكن ملائم و تسبب بخيبة أمل للأشخاص الذين ربوه ، لا بد أن ينتج عن ذالك تأثير سلبي و يعتبر 

وجود هذا التأثير من المسلمات التي لا جدال فيها، إن كنت تعيش في مثل هذه البيئة فأنت تستحق جائزة لأنك لم تنأ بنفسك بعيداً عن الجميع حتى الأن، لا يمكننا الهروب من القانون 

الرئيسي :- الذي ينص على أننا الكائنات الوحيدة التي تستمد قدرتها على الاستمرار و المضي قدماً بناءاً على التقبل و الحب الذي مُنح لها من اولئك الذين قاموا برعايته في الطفولة


 

إنه لأمر مخيف أن نعترف بأننا قد عوملنا معاملة سيئة و غير عادلة ،الغضب الذي نشعر به تجاه اولئك الأشخاص المليؤن بالعيوب الذين قاموا برعايتنا سابقاً 

قد نحوله تجاه أنفسنا،  و نختار في نهاية الأمر كره ذواتنا على أن نتقبل الحقيقة المروعة و هي أن من كنا بحاجة أن نحبه و أن يشعرنا بالأمان ، لم يكن لطيفاً معنا

 ، يمكن أن ينتهي بنا الأمر إلى عدم وجود أي قابلية للغضب لأن ذلك سيتطلب وجود تقدير للذات ، و بالتالي فإن معظمنا خدر فكرة أنه تم إنتهاكه أو أنه لا زال يعمل

 على تخديرها ، نحن نهرب من تلك الفكرة بتعاطي المخدرات بنهم ، بالعلاقات الغرامية ، مشاهدة الأفلام الإباحية ، حب الشهرة ، أكل السكريات بكثرة ، و ذلك أن طريق

 الكراهية الذاتية يشير إلى كل إتجاه عدى مصدره الأساسي و هو :- سنوات الطفولة المبكرة 


 

ما الحل ؟ كيف يمكن للمرء أن يخرج نفسه من حفرة الكراهية الذاتية ؟ كبداية يجب أن نصبح واقعيين مع أنفسنا و نتمسك بفكرة أننا نكره أنفسنا لأنه 

في الماضي لم يتم تقبلنا و محبتنا من قبل الذين قاموا برعايتنا ، قد يبدو هذا الأمر و كأنه إهانة و لكن أن نجعل هذا المفهوم يرتبط بتجربة الشخص فإن ذلك سيعتبر

 أحد المهام العظيمة في حياته ، لأنها ستعمل تدريجياً على تحريره من كابوس الكراهية الذاتية 


 

يجب أن نبدأ بملاحظة ظلمنا لأنفسنا من خلال تفسير مجريات الأحداث ، كم عقد من الزمن قد أنقضى و نحن نمارس فيه تحويل أنفسنا دوماً للشخص الشرير في 

قص الأحداث و المواقف و تبرير سلوك الأخرين بأكثر مما يستحقون ، و في وضع أنفسنا دائماً موضع الخزي و الخطأ


 

من الممكن أن نكون أذكياء و لكن في جانب الكراهية الذاتية قد لا نفكر بشكل جيد ، لذلك نحتاج للمساعدة ، قد يتطلب الأمر إلى التحقق من واقعنا مقارنة

بواقع شخص أخر و بالتالي نعيد تقييم ما قد أفترضناه من تخمينات حيال كل شيء تطرقنا إليه ، نحتاج إلى إعادة توجيه الألم من كره ذواتنا و الخوف من مواجهة العالم إلى

موطنه الأصلي و هو الحزن على المصائب 


 

ربما في النهاية سنصل إلى تبصر و إستنتاج و هو أننا لسنا بسيئين ، نحن ببساطة تعرضنا في السنوات المبكرة من طفولتنا لمعاملة مؤسفة ، و لذلك يجب أن نتعلم 

فن مهم و رائع يأتي بنتائج أستثنائية و هو أن نكون دوماً في صف ذواتنا

  • مشاركة