التحليل الذاتي

لماذا التحليل الذاتي مفيد ؟ 


 


 

قد يشعر البعض منا بالرغبة العارمة للذهاب بعيداً و الأستغراق في التفكير بشكل أكثر من المعتاد ، الأنشغال في التفكير هو من أكثر المهام ذات المعنى ، غالباً بعد مرور وقت. طويل نقضيه في العمل سنتوق إلى أن نكون وحدنا مع عقولنا ،التفكير يعتبر تجربة صريحة و فوضوية تغمرنا بالمشاعر و تثير فينا الحيرة و الحماس ، و نتوق بشكل مستمر إلى تصنيف الأفكار و فرزها ، نبقى مستيقظين إلى وقت متأخر من الليل ، نطيل التفكير حتى عندما نستحم ، نستقيظ مبكراً و نكتب كُتيب عبارة عن ملخص لأفكارنا ، و بالتالي سنشعر بشكل ملحوظ بالخفة و الإنتعاش بسبب عملية قيادة  المشاعر وتحويلها إلى أفكار ، نحن بالفعل مدفوعون إلى الفلسفة كتلك المقولة المأثورة التي تنسب إلى سقراط يقول فيها " الحياة التي ليس فيها تحليل فكري ليست جديرة بأن تعاش " حياة كقول سقراط تعتبر جيدة و لكنها غير مريحة 


 

نحتاج إلى أن نحرك أنفسنا و نفكر ، لأنه في بعض الاحيان قد نشعر بالحزن و لكن لا يمكننا تحديد سبب هذا الاضطراب الموجود في مكان ما في ذهننا مختبئاً بعيداً عن الوعي ، كلما تركنا الحزن دون مراقبة كلما بدأ في تلوين كل شيء نشارك فيه ، تجاربنا تصبح بلا طعم و بلا معنى ، و يهبط ضباب معتم على الوعي ، و نتيجة لذلك سنشعر بقلق مربك ، أفكارنا ترفض التسويه ، نحاول أن نجد الراحة بالهروب من أنفسنا من خلال هواتفنا الذكية أو بالالعاب الالكترونية ، و لكن لن نستطيع إخفاء أثر ذلك القلق ستبدأ أجفاننا بالأرتعاش ، و سنقضم الجلد الصلب حول أضافرنا ، أذهاننا تعلم أن هنالك أمور يجب أن نركز عليها لكنها تراوغ عن  نشر الكهرباء العصبيه على أفكارنا حتى لا نفكر فيها ، أو قد نصبح حادين الطباع و ننفجر بنوبة غضب مفاجئة مدركين أن السبب الحقيقي ليس الجورب الواقع على الأرض أو صوت صرير الباب الذي تم فتحه بفعل الرياح و أن تلك الأسباب لا يمكنها  تبرير غضبنا العارم ، و يعوقنا الكبرياء و الإنكار الدفاعي من فهم ذواتنا و فهم الاسباب الكامنة وراء نوبة الغضب تلك ، أما من الناحية الإيجابية للأمور التي لم نفهمها أو نحللها  في ذواتنا أنه قد نشعر بالحماس و الإثارة المبهمة عند سماعنا عن مشروع مبتكر و أصلي نظمه صديق ، أو نشعر بتلك الحماسة عندما  نقرأ عن نوع جديد من الإبداع و المغامرة ، أو عندما نشاهد فيلم وثائقي رائع و مثير للأفكار ، الاثارة لا تتركنا وحدنا و لكنها لا تقول بعبارات واضحة ماذا تريد   


 

في سياق الاحداث المذكورة اعلاه غالباً ما نتراجع لنفكر و نمسك بقلم و ورقة سواءاً كنا في المنزل او على متن قطار في رحلة  لساعتين نختلي فيها بأنفسنا و نتحدث معها و نعود لمحتويات عقولنا و نخوض بتأني في معاني عقولنا المشوهه و نخضعها للمنطق و الاسباب 


 


 

عندما تعترينا مشاعر القلق ، نتسائل ماهي الخطوات التي يجب أن نتخذها ، ماذا يجب على الاخرين أن يفعلوا ؟ ، ما الذي يجب أن يحدث و متى ؟ قد نتشجع و نسهب التفكير في مشاعرنا المؤلمة الحزينة الغاضبة ، ضعفنا المفاجئ لربما كان بسبب شخص ما رأيناه لفترة وجيزة في المطار  بدى طيباً و متفهماً و عطوفاً ، أستدعت رؤيته ذكرى عواطف و تعامل مفقود  في علاقتنا الحالية 

أو لربما كان ضعفنا بسبب رسالة مؤلمة تلقيناها من صديق شعرنا فيها بالجرح و المرارة ،  أو لعله رؤية يوم مشمس و جميل من النافذة أشعرنا بالندم و جعلنا نفكر إلى أي مدى أصبحت حياتنا متكلفة و روتينية متخلصين فيها من شجاعتنا التي تدفعنا للخطر 


 

يجب أن ندع حزننا يأخذ شكله الطبيعي و نتعمق  بالتفكير في جروحنا و نعطي المساحة لشوقنا للماضي 

قد لا يكون هنالك حل فوري للأحزان و المشاعر المؤلمة ، لكن التأمل فيهم و إعطاء أنفسنا الوقت و المساحة سيساعدنا ذلك إلى حد كبير في معرفة معالمهم مما يعطينا فرصة للتغلب عليهم ، آلامنا تحتاج جلسة استماع ، ليس ذلك فقط لكن أيضاً يجب أن نولي اهتماماً مماثلاً لتلك الأمور التي تثير الحماسة فينا و أن نستمع لها و نتخيل إصلاح حياتنا بقيادتها ، سنحمل معنا القلق الإيجابي الضاروري الذي ينشأ من الإعتراف بعدد الفرص المتاحة لنا و مقدار ما يمكن و يجب تغييره في الوضع الراهن 


 


 

كلما فكرنا  كلما أضحت مخاوفنا و آمالنا و أستياءنا أكثر وضوحاً ، و نتيجة لذلك سنكون أقل توجساً مما تحمله عقولنا ،  و أقل استياءًا و اكثر هدوءاً و ناضجين حيال إتجاهنا في الحياة بحيث يصبح طريقنا واضح ، يجب أن ندرك إلى أي مدى علينا الإعتماد على ممارسة الفلسفة و التي تعني السعي وراء المعرفة الدقيقة المفهومة و التي يمكن إدارتها .

  • مشاركة